مقدمة في مناهج البحث العلمي

 

 بسم الله الرحمن الرحيم 

السلام عليكم 

مقدمة في مناهج البحث العلمي

من متطلبات معظم التخصصات العلمية للتخرج القيام ببحث أو مشروع تخرج ونجد الكثير من الطلاب في مثل هذه الحالة يلجأ الى المكتبات التجارية أو المختصين في الأبحاث في الأنترنت للقيام بالبحث نيابة عنهم مقابل أجر أو في حالات اسوأ يقوم الطالب بتجميع وتلخيص مقالات حول الموضوع من الإنترنت وهذه الطريقتان بعيدة كل البعد عن المنهج العلمي النزيه للبحث. 

في كثير من الجامعات نجد قصور سواء من الكادر الأكاديمي او المناهج في تجهيز الطالب منذ السنة الأولى للقيام بالبحث العلمي المستقل, ومن خطوات التجهيز الطلب من الطالب بكتابات مقالات Essay أو كتابة مراجعة علمية Literature Review ويفضل تخصيص مادة في السنة قبل الأخيرة تدرس مناهج البحث العلمي لكي لا يقع الطالب بين سندان مقدمي الخدمات البحثية ومطرقة السرقة العلمية. 

في هذا المقال سأكتب تقديم بسيط عن منهاج البحث العلمي لتكوين صورة واضحة للطالب أو أي شخص يرغب بالقيام ببحث علمي حول ماهية البحث العلمي.

معنى البحث العلمي 

يوجد العديد من التعريفات للبحث العلمي تختلف بإختلاف المدرسة الفكرية والعلمية, ويعرف بأبسط صورة على أنه "البحث عن المعرفة" ويمكن تعريفه على أنه "تحقيق دقيق من خلال البحث عن حقائق جديدة في أي فرع من فروع المعرفة".

بالنسبة لي التعريف الأشمل والأدق للبحث العلمي "بحث منهجي بإستخدام طرق علمية عن معلومات ذات صلة بموضوع معين".

أهداف البحث العلمي 

الغرض من البحث العلمي هو الكشف عن إجابات لسؤال معين أو مشكلة مطروحة من خلال تطبيق الإجراءات العلمية والعملية في المجال المراد البحث عنه.

الهدف الرئيسي من البحث العلمي هو الكشف عن الحقائق المخفية التي لم يتم إكتشافها بعد حول موضوع ما. 

دوافع القيام ببحث علمي 

مالذي يدفع الناس للقيام ببحث علمي؟ هذه مسألة ذات أهمية جوهرية ويمكن تلخيصها في دافع أو أكثر من الدوافع الخمس التالية:

1- الرغبة في الحصول على درجة بحثية "درجة باحث" بالإضافة الى الفوائد الممنوحة للحاصل على هذه الدرجة.

2- الرغبة في مواجهة التحديات من خلال حل المشاكل التي لا يوجد لها حلول بعد ويسمى هذا بالـ "القلق العلمي".

3- الرغبة في تحصيل المتعة الفكرية من خلال القيام بأعمال إبداعية والعمل الإبداعي هنا يقصد به البحث العلمي.

4- الرغبة في خدمة المجتمع.

5- الرغبة في الحصول على الإحترام العلمي في مجال معين.

هذه الدوافع الأساسية لا يخلو باحث من احدها وتختلف من شخص إلى اخر ولا يمكن حصرها في هذه الخمس دوافع هنالك بعض الدوافع الأخرى مثل التوجيهات الحكومية أو ظروف العمل لكن غالبا الدوافع الأخرى تكون جنبا إلى جنب مع أحد الدوافع الخمس المذكورة أعلاه.

أنواع البحث العلمي 

يوجد العديد من أنواع البحث العلمي وفي ما يلي قائمة بالأنواع الأساسية:

1- البحث الوصفي والبحث التحليلي : يتضمن البحث الوصفي (Descriptive) الإستبيانات واستفسارات تقصي الحقائق بشتى أشكالها ومايميز هذا النوع أن الباحث لا يتحكم بأي من متغيرات البحث ولكن يقوم بتوصيفها وعرض النتائج المستخلصة من الإستبيانات في  المقابل البحث التحليلي (Analytical) على عكس البحث الوصفي يقوم الباحث بإستخدام حقائق ومعلومات متاحة بالفعل والقيام بتحليلها لإجراء تقييم نقدي حول الموضوع.

2- البحث التطبيقي والبحث الصرف: يمكن أن يكون البحث إما تطبيقي (Applied) أو بحث صرف (fundamental) ويهدف البحث التطبيقي إلى إيجاد حل لـ مشكلة فورية تواجه مجتمعًا أو منظمة صناعية / تجارية, بينما البحث الصرف يهتم بشكل أساسي بالتعميمات وصياغة النظريات.

3- البحث الكمي والبحث النوعي: البحث الكمي (Quantitative) يعتمد على قياس الكمية أي أنه يمكن تطبيقه على الظواهر التي يمكن التعبير من حيث الكمية في المقابل البحث النوعي (Qualitative) يهتم بالظواهر النوعية أي الظواهر التي تنطوي على النوع أو الجودة.

4- البحث المفاهيمي والبحث التجريبي: البحث (Conceptual) يتعلق بالأفكار المجردة أو الأفكار النظرية ويستخدم بشكل عام من قبل الفلاسفة والمفكرين لتطوير مفاهيم جديدة أو إعادة تفسير مفاهيم حالية بينما البحث التجريبي (Empirical) يعتمد على الخبرات والتجارب والمراقبة لوحدهم دون مراعاة الأنظمة والنظريات الحالية ويمكن وصفه بأنه بحث قائم على البيانات (Data-Based).

5- هنالك العديد من أنواع البحث الأخرى لكن كلها تعتمد على الأنواع المذكورة أعلاه مع بعض الإختلافات في بعض الخصائص بناء على ظروف البحث ومنها: البحث الميداني (field-setting) , البحث المخبري (laboratory), البحث التاريخي (Historical), البحث السريري (clinical).

مناهج البحث العلمي 

عند النظر في الأنواع المذكورة أعلاه يمكننا تقسيم مناهج البحث العلمي إلى قسمين رئيسيين وهما المنهاج الكمي (quantitative approach) والمنهاج النوعي (qualitative approach).

المنهاج الكمي يتضمن توليد وجميع البيانات في صيغة كمية وتخضع لمعايير كمية صارمة ليتم تحليلها وإستخلاص البيانات منها بطرق علمية كمية بحتة بينما المنهاج النوعي يتضمن التقييم الذاتي للمواقف والآراء والسلوك بإستخدام طرق علمية وضوابط نوعية لتفسير الظواهر بطريقة غير كمية.

طرق البحث العلمي ومنهاج البحث العلمي 

يجب على الباحث أن يفرق بين طرق البحث (Research Methods) والمنهاج البحثي (Research Methodology) ولا يكفي الباحث أن يلم بطرق البحث فقط ولكن أيضا يجب عليه أن يلم بالمنهاج العلمي ويمكن تعريف طرق البحث على أنها كل الأساليب والتقنيات المستخدمة لإجراء البحث بينما المنهاج البحثي هو طريقة حل مشكلة البحث بشكل منهجي. 

خطوات عملية البحث العلمي 

أي بحث علمي يجب أن يتبع 7 خطوات أساسية ولا يعتبر البحث متكامل إذا تم الإخلال بأحد هذه الخطوات في هذه المقالة سوف أذكر الخطوات فقط وإن شاء الله في المقالات القادمة سأقوم بتفصيلها, فيما يلي الخطوات تليها خارطة انسياب لتبسيط الموضوع:

1- تعريف وصياغة مشكلة البحث.

2- مراجعة المبادئ والنظريات ومراجعة نتائج الأبحاث السابقة.

3- صياغة الفرضيات.

4- إعداد تصميم البحث.

5- جمع البيانات.

6- تحليل البيانات واختبار الفرضيات.

7- تفسير النتائج وتقديم الورقة العلمية.

خاتمة 

في العالم العربي نعتبر متأخرين جدا من ناحية البحث العلمي المنهجي وليس فقط متأخرين عن الدول المتقدمة ولكن أيضا متأخرين مقارنة ببعض الدول النامية مثل الصين والبرازيل وروسيا. 

يعود هذا التأخر للعديد من الأسباب ومن أهمها إفتقار المناهج الدراسية للمواد المعنية بالبحث العلمي بشكل عام ومناهج البحث العلمي بشكل خاص وإنعدام التدريب على المنهاج البحثي في المؤسسات الأكادمية ومراكز الأبحاث والقطاع الخاص. 

من هذا المنطلق خصصت هذا القسم من المدونة للكتابة عن منهاج البحث العلمي وسأحاول أن أكتب على الأقل ثلاث مقالات كل شهر في مواضيع متفرقة عن مناهج البحث العلمي.

تم تلخيص وترجمة هذه المقالة من كتاب Research Mathodology : Methods and Techniques

Kothari, Chakravanti Rajagopalachari. Research methodology: Methods and techniques. New Age International, 2004.‏